ضرورة مراقبة التسجيلات الصوتية للقرآن الكريم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أمَّا بعد:
فنحنُ نعيشُ – بحمد الله تعالى – صحوة إيمانية، ونهضةً قرآنية، عمَّت بلاد المسلمين شرقاً وغرباً ، وعرباً وعجماً، صَاحَب ذلك إقبال عدد من شباب الأمة على حِفظ كتاب الله تعالى غيباً في صدورهم، كما عادت في كثير من البلاد الإسلامية قضية ختم القرآن العظيم في التراويح والتهجُّد في رمضان.
وصَاحَب ذلك إقبال الناس على اقتناء التسجيلات الصوتية لعددٍ من أئمة المساجد ممن حَبَاهم الله -سبحانه- أصواتاً حَسَنة لاقَتِ القبول والاستحسان.
ومعلوم أن الصوت الحَسَن وحده ليس مبرِّراً كافياً لتسجيل تلاوة فلان أو فلان؛ فقد تكون هناك أخطاءُ حفظيه ، وأخرى تجويديَّة، وثالثةٌ تتعلق بِحُسن الوقف والابتداء.
وكم مرَّة سَمعنا تلاوةً فيه حروف غيرُ واضحة، أو أحكام منقوصة، أو تمطيطٌ أو اختلاس، أمَّا سوءُ الابتداء وتقطيع الكلام المتصلِ بعضه ببعض فحدِّث ولا حَرج.
والعجيب أنَّه ليس هناك – إلى الآن – مرجعيَّة علميَّة تُعرضُ عليها هذه التلاوات قبل نسخها وتوزيعها في الأسواق، وهذا أمرٌ في غاية الأهمية والخطورة؛ إذ هو متعلقٌ بالنصِّ الأقدس عند المسلمين، بالقرآن العظيم.
فقياماً بالواجب الشرعيِّ الذي أَخَذه اللهُ على أهل العلم بقوله:(لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ) أرى أن يتحمل مجلسُنا هذا المسؤولية التصحيح والتدقيق لِما يُعرَضُ عليه من تسجيلات صوتية أو مرئية ؛ لبيان الخطإ وتصحيحه، قبل انتشاره وتعميمه، ويكون ذلك بتشكيل لجنة من ثلاثة قراءٍ على الأقل تستمع للمادة القرآنية المقدمة وتُبدي ملاحظاتها عليها، وفي حال إقرار صحَّة التسجيل يُعطي المجلسُ الجهة صاحبةَ التسجيل فَسحاً وإذناً بِجواز تداول المادة المسجَّلة.
نعم إننا لا نملك الإلزام في هذا الأمر، ولكن حسبُنا بيانُ وجه الحق في ذلك من باب النصيحة لكتاب الله سبحانه وتعالى.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، والحمد لله رب العالمين.
د. أيمن رُشدي سُويد